إنّ مشكلة لاجىء فلسطين هي الأقدم والأكبر على جدول أعمال الأمم المتّحدة منذ تأسيسها. لخمسة عقود تحمّل لاجئي فلسطين الظلم العظيم والمصاعب بعد إجتثّاثهم من بيوتهم وأجبارهم على العيش في مخيمات و معسكرات الشتات، محرومين من الحد الأدني لحقوق الإنسان والمواطنة.
اللاجئون الفلسطينيون - 1948
في الفترة من 1917 إلى 1949، إحتلت إسرائيل 78% من أرض فلسطين وطردت أو تسبّبت بهروب أكثر من 750,000 فلسطيني إلى قطاع غزة، الضفة الغربية وبلدان عربية آخر مثل سوريا، لبنان، الأردن وغيرها. أزمة اللاجئين الفلسطينيين، الذين يعدّون 3.4 مليون الآن، بقيت أكثر المشاكل الملحّة في قضية الشرق الأوسط.
فيما يلي الأسباب الرئيسية لهذه الأزمة...
1. الإنتداب البريطاني
قانون حكومة الإنتداب صرّح بأن “ حكومة الإنتداب البريطانية يجب أن تشجّع بالتعاون مع الوكالة اليهودية، على هجرة اليهود الى فلسطين و السعى لإمتلاكهم الأراضي في فلسطين ”. وفقا لذلك، قام المندوب السامي البريطاني في فلسطين، السّيد هيربيرت ساموئيل، بأصدار قانون نقل الملكية مع عدد من الملاحق. بهذا القانون، أصدر المندوب السامي مرسوما في 1 تموز/يوليو 1920 بمصادرة 3390 دونم مربّع في منطقة كارم آبو حسين في القدس. في أغسطس/آب 1924، حكومة الإنتداب البريطانية صادرت مناطق كبيرة من أرض فلسطين، وأعطيت للوكالة اليهودية. تبرّعت حكومة الإنتداب البريطانية إلى شركة بوتاتش اليهودية بمساحة 75,000 دونم ، وإلى شركة الكهرباء اليهودية بمساحة 18.000 دونم مجّانية لتشجيع المشاريع اليهودية. المندوب السامي البريطاني صادر أراضي فلسطينية أكثر لإنشاء الطرق الجديدة للمستوطنات اليهودية. القرى الفلسطينية أهملت بالكامل.
2. خطة التقسيم
قرار تقسيم فلسطين في 1947 جاء ليكمل القوانين الظالمة والأوامر العسكرية التي أصدرها البريطانيين وحكومة الإنتداب. تقسيم فلسطين كان غير عادل وغير قانوني لأنة أخفق في إستشارة أغلبية الفلسطينيين المقدر عددهم في ذلك الوقت بأكثر من 90% من سكان فلسطين. إفتقر القرار إلى العدالة والمساواة لأنة أعطي اليهود و هم أقلية حولي 56% من الأرض، وأغلبها مناطق ساحلية خصبة و43% من الأرض إلى الأغلبية الفلسطينية،وهي أرض في مناطق جبلية وعرة.
إبتداء من 19 نوفمبر/تشرين الثّاني 1947، زادت حالة التوتّر بين العرب واليهود في فلسطين. أعلنت الحكومة البريطانية خطتها للإنسحاب من فلسطين في 15 أيار/مايو 1948.
أعلن قيام دولة إسرائيل في 15 أيار/مايو 1948، برئاسة حاييم وايزمان أول رئيس وزراء لإسرائيل.
3. الحالة الأقتصادية
منذ 1920، وضعت حكومة الإنتداب البريطانية فلسطين في وضع إداري و إقتصادي صعب، وحالة سياسية غير مستقرة، لتسهيل أنشاء الدولة اليهودية ولإجبار الفلسطينيين لطلب فرص العمل في الدول العربية المجاورة.
4. المذابح الصهيونية
لكي يدفع العرب الفلسطينيين العزّل الغير مسلّحين لترك بيوتهم. المجموعات الإرهابية اليهودية مثل الإرجون و الهاجانا و السترنج جانج لجأت للأرهاب بعد فشل طرق أخرى كثيرة. في 9 أبريل/نيسان 1948، عصابة الإرجون تحت قيادة مناحيم بيجين، (أصبح لاحقا رئيس وزراء لإسرائيل و زعيم معارضة في البرلمان الإسرائيلي)، هاجمت العصابة قرية دير ياسين العربية الصغيرة قرب القدس. القتلي وفق شاهد عيان و هو السيد جاك رينير، المندوب الرئيسي للصليب الأحمر الدولي، الذي وصل إلى القرية وشهد أثار المذبحة، قدر بثلاثمائة شخص وقد ذبحوا بدون أيّ سبب عسكري أو إستفزاز من أيّ نوع. رجال، نساء، عجائز، أطفال، مواليد جدد قتلوا بشكل وحشي بالقنابل والسكاكين من قبل القوّات اليهودية لعصابة الأرجون.
الهدف وراء مذبحة دير ياسين و مئات غيرها كان إفزاع السكان العرب المدنيين، وإجبارهم للهروب. الخطة أفلحت وهرب عدد كبير من الفلسطينيين من الإرهاب، لإنقاذ حياتهم. قبل 15 أيار/مايو 1948، بينما الحكومة البريطانية ما زالت مسؤولة، إحتلّ اليهود العديد من المدن العربية مثل يافا وحيفا وأعداد كبيرة من القرى التي كانت في دّاخل الإقاليم التي خصّصت بقرار الأمم المتحدة للدولة العربية و طرد أكثر من 300,000 فلسطيني من بيوتهم. في محاولة لوقف هذا المدّ، أرسلت الدول العربية المجاورة جيوشهم في 15 أيار/مايو 1948 إلى فلسطين. في 15 تموز/يوليو 1948 فرضت الأمم المتّحدة الهدنة النهائية بين إسرائيل والعرب، وفي ذلك الوقت كانت إسرائيل تحتلّ جزء أكبر من الإقليم المخصص لها وفق قرار التقسيم.
5. الجيش الإسرائيلي
نظرا لعدوان الجيش الإسرائيلي الذي إستمرّ بعد حرب 1948 على الفلسطينيون، أجبر عدد كبير منهم للإنتقال إلى قطاع غزة و الضفة الغربية.
قضية لاجىء في الأمم المتّحدة
وسيط الأمم المتّحدة في فلسطين، الكونت بيرنادوت، في تقريره الذي قدّمه إلى الجمعيّة العموميّة في 16 سبتمبر/أيلول 1948، أعلن "أنة على أية حال، يستحيل أنكار أنه لن يكون هناك تسوية يمكن أن تكون كاملة و نهائية الا إذا تم الإعتراف بحقوق اللاجئين العرب بالعودة إلى بيوتهم التي طردوا منها خلال النزاع المسلّح بين العرب واليهود في فلسطين. وغير ذلك سيكون مخالفة لمبدأ العدالة إذا أن هؤلاء الضحايا الأبرياء للصراع أنكر حقهم بالعودة إلى بيوتهم، بينما المهاجرون اليهود يصلون الى فلسطين." هذا البيان كلف بيرنادوت كثيرا. في اليوم التالي أغتيل هو ومساعده الفرنسي كانت في القطاع الإسرائيلي للقدس من قبل الإرهابيين اليهود.
في 11 ديسمبر/كانون الأول 1948 الجمعيّة العموميّة ناقشت تقرير بيرنادوت وقرروا "حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين يرغبون بالعودة إلى بيوتهم والعيش بسلام مع جيرانهم و على إسرائيل تسهيل ذلك." منذ ذلك الوقت و إسرائيل تواصل تحدّي الأمم المتّحدة وتمنع عودة اللاجئين إلى بيوتهم.
المسؤولية الصهيونية
من المثير للإهتمام ملاحظة أن الدعاية الصهيونية بدأت في محاولة لتجنب مسؤوليتها نحو اللاجئين، بالبدأ بحملة إعلامية تتدعي أنّ اللاجئين تركوا بيوتهم بإرادتهم ودون تدخل من قبل اليهود و أنهم تحركوا بناء على أوامر صدرت لهم من قبل زعمائهم العرب.
إرسكين تشيلدرس، صحفي ومؤلف آيرلندي وفي الوقت الحاضر هو رئيس جمهورية إيرلندا، كرّس شهور من حياتة للنظر في هذا الأدعاء و تأكد من أن ليس له أساّس من الصحة. حيث فحص سجلات المراقبة الأمريكية والبريطانية في كلّ الشرق الأوسط خلال 1948 وقرر أنة "ما كان هناك طلب أو نداء أو إقتراح واحد حول إخلاء العرب لمساكنهم من قبل أيّ محطة أذاعة عربية داخل أو خارج فلسطين في 1948. بل هناك تكرّار لتسجيلاتّ من الإذاعات العربية، تطالب المدنيين في فلسطين بالبقاء."
ناثان تشوفشي، كاتب يهودي هاجر من روسيا إلى فلسطين. صرّح بأنة "إذا أراد أحد معرفة حقيقة ما حدث، وأنا أحد المستوطنون كبار السن في فلسطين من الذين شهدوا حرب الطيران، يمكن أن أخبركم أنة بإسلوب ما منا نحن اليهود، أجبرنا العرب لترك مدنهم وقراهم. هنا كان هناك شعب عاش في بيوتهم و علي أرضهم لأكثر من 1300 سنة. جئنا وحوّلنا العرب المحليون إلى لاجئين. ونحن ما زلنا نتجاسر للإفتراء عليهم والطعن بهم لتلويث سمعتهم. بدلا من أن نخجل مما عملنا ونحاول تصحيح بعض من الشرّ الذي قمنا بة عن طريق مساعدة اللاجئين على حل هذة القضية، نبرّر أفعالنا الفظيعة ونمجدها."
قانون إستملاك الأراضي
عمل الإسرائيليين على رفض السماح لعودة اللاجئين إلى بيوتهم، وأكملوا المأساة بالإستيلاء على كلّ الممتلكات الخاصة بهم في واحدة من أعظم أعمال النهب في التاريخ الحديث. مصادرة الأرض العربية لم تحصر في أملاك اللاجئون لكن أمتدت إلى الفلسطينيين البالغ عددهم 200,000 الذين بقوا في بيوتهم في 1948، وذلك بسلسلة من القوانين والتعليمات الإستثنائية في عملية سرقة مشرّعة. من تلك القوانين قانون إستملاك الأراضي ونظام المناطق المتروكة في 1949 وقانون الملكية الغائبة في 1948 وغيرها. الظلم الذي وقع على العرب في إسرائيل ذهب بعيدا إلى ما بعد نزع ملكية مزارعهم و بيوتهم بإنتهاك صارخ لحقوقهم والحريات المدنية الممنوحة لهم.