منذ طفولته كانت يعيش على العقيدة النصرانية، غير أنه غير مسار حياته في الأعوام الأخيرة منها بعد أن اختلط مع شباب مسلمين، تعرف على أخلاقهم ودينهم عن قرب، فأحبهم، وقرر أن يعتنق ما يعتنقون، اعتنق الإسلام والتزم بمنهاجه القويم، ومضت سنوات إسلامه مسرعة، لتكون نهايته شهادة في سبيل الله، قد تكون له عند الله تبارك وتعالى شفيعة عما أمضاه من سنوات في غير المسار الصحيح.
محبوب من الجميع
نسيم سلامة اسبيرو سابا يبلغ من العمر 26 عاما، وهو من مواليد مدينة غزة، تغير مسار حياته في العام 2004م حيث بدأ ينحى خلال هذا التاريخ من العقيدة النصرانية التي كان وعائلته يؤمنون بها، صوب الدين والمنهاج الإسلامي القويم، لتكون إرادة الله نافذة أن تكون نهايته بعد حوالي أربعة أعوام على إسلامه شهيدا في سبيل الله.
وفي بداية حديثنا معه، قال "جورج" شقيق نسيم الأصغر :"ربنا يتقبله في الجنة وفي الفردوس الأعلى ويجمعه مع الشهداء".
ويضيف :"كانت نظرة نسيم رحمه الله للإسلام عالية، وكان يعيش على أمل الدخول في الإسلام بدرجة كبيرة، فقد أحبه جميع الناس والجيران والأصدقاء من حسن خلقه وآدابه معهم، وكنت أحسده على أخلاقه ومحبة الناس له".
وأشار جورج إلى أن شقيقه نسيم كان يرفض الزواج من شابة مسيحية قد أحبته، وكان يقول:" إذا أسلمت هذه الشابة، فستكون من نصيبي، أما إن بقيت على ما هي عليه فلن تكون من نصيبي".
أما عن معاملته مع المسلمين وأبناء شعبه فيقول جورج:" لقد كان نسيم يبتسم كثيراً خاصة إذا قابل المسلمين".
أما عن المواقف التي يتذكرها جورج بصحبة أخيه نسيم، فيقول:" كان نسيم مميزا في قضية واحدة، فقد كان لا ينام الليل إلا وهو يقرأ القرآن، كما تميز بحبه لصلاة الفجر، فكان حريصاً عليها، وإلى جانب ذلك فقد كانت لدى أخي نسيم غرفة خاصة لا يدخلها أحدا غيره، وكان يوجد بداخلها القرآن الكريم وكتاب حصن المسلم".
ويتذكر جورج قبل أسبوع من استشهاد شقيقه نسيم رؤيته في منامه أن "نسيم" قد استشهد وقصف بيتهم بالكامل، وبالفعل تحقق ما رآه واستشهد نسيم وقصفت طائرات العدو الصهيوني بيتهم.
ويشير إلى أن نسيم كان دائماً يفعل الخير، ولاحظ ازدياد هذا الأمر عليه بعد إسلامه، كما اختلفت علاقته مع أهله، فأصبح يرفض الذهاب إلى الكنيسة بعد اعتناقه للإسلام وحبه للمسلمين.
وعن الأعمال التي كان يقوم بها نسيم في حياته، يقول جورج:" تميز نسيم رحمه الله بمساعدة الفقراء والمحتاجين دون أن يطلب منهم شيئا، كما كان يبتغي من وراء كل أعماله هذه وجه الله تعالى، وتشهد له منطقة الشيخ رضوان بذلك".
ويقول جورج:" قبل استشهاد نسيم بليلة واحدة، كان يقول نسيم: سوف استشهد في الصباح، ونال ما تمنى فلقد أحب الشهداء والشهادة في سبيل الله".
وأوصى نسيم قبل استشهاده أن يصلي عليه في المستشفى دون أن يعلم أهله بذلك، وأن يدفن في مقابر المسلمين.
حبه للشهادة
وفي يوم الأربعاء السابع من شهر يناير من العام 2009م وبينما كان "حرب الفرقان" في غزة على أشدها، كان نسيم يقف بالقرب من منزله في حي الشيخ رضوان، وكان يومها قد نوى الصيام، وخلال تجمع للمواطنين بالقرب من مفترق الشيخ رضوان غرب مدينة غزة أطلقت طائرات العدو الصهيوني صاروخا واحدا على الأقل على المكان، وهو ما أدى إلى استشهاد نسيم سابا وخمسة مواطنين آخرين ووقوع عدد من الجرحى في المكان.
ولا يخفي جورج أن الدين الإسلامي هو الدين الحق الذي ينبغي ألا يعبد سواه، مضيفا:" نظرتنا إلى هذا الدين أنه هو الدين الصحيح ولا ديانة بعد الإسلام"، مشيراً إلى أنه كان في بداية حياته يرفض الإسلام، أما الآن فيعتبره "الشرع القويم الصحيح".
ويتذكر جورج أنه ذهب يوما إلى الكنيسة، فرأى النصارى يعتبرون "الله" أباً لهم فينزعج من هذا المشهد، وبعدها تغيرت نظرته للعقيدة النصرانية.
رفيق دربه
ويتحدث "محمد حميد" أحد أصدقاء "نسيم" عنه، فيقول:" تعرفت على نسيم من خلال السوبر ماركت الذي يعود إليهم، ولقد أحببته من خلال أخلاقه وحسن معاملته مع الناس، وكان دائماًَ يحب المزاح، فكان يقول لي: ربنا يأخذك في سبيله، وقبل استشهاده أهدى لأحد أصدقاءه كتاب "حصن المسلم" وأوصى صديقه بالتمسك به".
ويضيف محمد:" عشق نسيم الإسلام بدرجة كبيرة، فكان يحب قيام الليل، وصيام النوافل، كما كان يتمنى الصلاة في القدس والمسجد الأقصى"، مشيراً إلى أن نسيم صلى في معظم مساجد مدينة غزة.
وعن المواقف المميزة التي يتذكرها محمد لصديقه نسيم يقول:" عشق نسيم قطة، ولقد قتلتها الطائرات الصهيونية عندما قصفت بيت نسيم، وبكى عليها بكاءً شديدا"، مبيناً أن نسيم كان يعطف على الفقراء والمحتاجين ويقدم لهم المساعدة، ويتميز بفعل الخيرات وبخاصة في مجال الكهرباء.
ويختم حديثه والبكاء ينهمر من مقلتيه:" رحمك الله يا نسيم.. صدق الله فصدقه الله، تمنى الشهادة في سبيل الله وأن يتقطع اشلاءً ونال ما تمنى".